کد مطلب:145548
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:168
خطبته فی أصحابه و جوابهم له
قال السید رحمه الله: فقام الحسین علیه السلام خطیبا فی أصحابه، فحمدالله تعالی و أثنی علیه و ذكر جده فصلی علیه، ثم قال:
انه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، و ان الدنیا قد تغیرت و تنكرت و أدبر معروفها، و استمرت حدا [1] و لم یبق منها الا صبابة كصبابة الاناء، و خسیس عیش كالمرعی الوبیل.
الا ترون الی الحق لا یعمل به؟ و الی الباطل لا یتناهی عنه؟ لیرغب المؤمن فی لقائه محقا [2] ، فانی لا أری الموت الا سعادة، و الحیاة مع الظالمین الا برما.
فقام زهیر بن القین و قال: قد سمعنا - هداك الله تعالی [3] یابن رسول الله! - مقالتك، و لو كانت الدنیا لنا باقیة، و كنا فیها مخلدین لآثرنا النهوض معك الی الاقامة فیها.
قال: و وثب هلال بن نافع البجلی فقال: و الله؛ ما كرهنا لقاء ربنا، و انا علی
نیاتنا و بصائرنا، نوالی من والاك، و نعادی من عاداك.
قال: و قام بریر بن خضیر فقال: و الله؛ یابن رسول الله! لقد من الله بك علینا أن نقاتل بین یدیك، و تقطع فیك أعضاؤنا، ثم یكون جدك شفیعنا یوم القیامة [4] .
قال فی «البحار» عن «المناقب»: قال له زهیر بن القین: فسر بنا حتی ننزل بكربلاء، فانها علی شاطی الفرات، فنكون هنالك، فان قاتلونا قاتلناهم، و استعنا الله علیهم.
قال: فدمعت عینا [5] الحسین علیه السلام ثم قال:
اللهم انی أعوذ بك من الكرب و البلاء.
و نزل الحسین علیه السلام فی موضعه ذلك، و نزل الحر بن یزید حذاءه فی ألف فارس، و دعا الحسین علیه السلام بدواة و بیاض، و كتب الی أشراف أهل الكوفة كتابا علی نهج ما مر.
ثم قال علیه السلام: اللهم انا عترة نبیك محمد صلی الله علیه و آله و سلم و قد اخرجنا و طردنا و زعجنا عن حرم جدنا، و تعدت بنوامیة علینا، اللهم فخذ لنا بحقنا، و انصرنا علی القوم الظالمین.
قال: فرحل من موضعه حتی نزل فی یوم الأربعاء، أو یوم الخمیس بكربلاء، و ذلك فی الثانی من المحرم سنة احدی و ستین.
ثم أقبل علی أصحابه فقال علیه السلام:
الناس عبید الدنیا، و الدین لعق علی ألسنتهم، یحوطونه ما درت معایشهم،
فاذا محصورا بالبلاء قل الدیانون.
ثم قال علیه السلام: أهذه كربلاء؟
فقالوا: نعم؛ یابن رسول الله!
فقال: هذا موضع كرب و بلاء، هاهنا مناخ [6] ركابنا، و محط رحالنا، و مقتل رجالنا، و مسفك دمائنا [7] .
و روی أبومخنف فی مقتله: باسناده عن الكلبی أنه قال: و ساروا جمیعا الی أن أتو الی أرض كربلاء، و ذلك فی یوم الأربعاء فوقف فرس الحسین علیه السلام من تحته، فنزل عنها و ركب اخری، فلم ینبعث من تحته خطوة واحدة، و لم یزل یركب فرسا بعد فرس حتی ركب سبعة أفراس، و هن علی هذا الحال.
فلما رأی الامام صلوات الله علیه ذلك الأمر الغریب قال: یا قوم! ما یقال لهذا الأرض؟
قالوا: أرض الغاضریة.
قال: فهل لها اسم غیر هذا؟
قالوا: تسمی نینوی.
قال: هل لها اسم غیر هذا؟
قالوا: تسمی بشاطی ء الفرات.
قال: هل لها اسم غیر هذا؟
قالوا: تسمی كربلاء.
قال: فعند ذلك تنفس الصعداء و قال: ارض كرب و بلاء.
ثم قال: قفوا و لا ترحلوا، فهاهنا والله؛ مناخ ركابنا [8] ، و هاهنا و الله؛ سفك دمائنا، و هاهنا و الله، هتك حریمنا، و هاهنا و الله؛ قتل رجالنا، و هاهنا و الله؛ ذبح اطفالنا، و هاهنا تزار قبورنا، و بهذه التربة وعدنی جدی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و لا خلف لقوله.
ثم انه نزل عن فرسه [9] .
[1] في اللهوف: جذاء.
[2] في اللهوف: في لقاء ربه، و في البحار: في لقاء ربه حقا حقا.
[3] في اللهوف: هدانا الله بك.
[4] اللهوف: 138 و 139، عنه البحار: 381 / 44.
[5] دمعت العين دمعا: سال دمعها، «منه رحمه الله».
[6] مناخ - بالضم -: برك الابل، «منه رحمه الله».
[7] البحار: 383 - 381 / 44.
[8] ركاب - ككتاب -: الابل التي يسار عليها الواحدة راحلة، «منه رحمه الله».
[9] الدمعة الساكبة: 256 / 4.